fbpx

الدولة الأموية من التأسيس إلى السقوط

الدولة الأموية: هي إحدى الدول الإسلامية التي حكمت بين عامي(٤١ ــ ١٣٢ هـ / ٦٦١ ــ ٧٥٠م)، وهي أول دولة قامت بعد الخلافة الراشدة على يد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، واستمدت الدولة الأموية تسميتها من أصول الخلفاء الذين تتابعوا في حكمها، إذ ينحدرون من بني أمية بن عبد شمس وهي قبيلة قرشية من أشراف العرب.

جدول المحتويات

معاوية بن أبي سفيان وتأسيس الدولة الأموية

قام المسلمون بعد استشهاد سيدنا علي _رضي الله عنه _ بمبايعة ابنه الحسن خليفة من بعده، ولكن الصراع بين سيدنا علي وسيدنا معاوية كان ما يزال قائماً، حتى إن سيدنا معاوية قد استولى على بعض المناطق الهامة وعلى رأسها مصر.

 وكان سيدنا الحسن قد رأى أنه لا بد من التفاهم مع سيدنا معاوية حرصاً على وحدة المسلمين.

 ولذلك تنازل سيدنا الحسن عن الخلافة بعد ستة أشهر من توَلِّيه إياها وبايع سيدَنا معاويةَ، وقد أطلق على هذا العام «عام الجماعة» لاجتماع المسلمين على كلمة واحدة عام (٦٦١/٤١)، وكان الفضل في هذا يرجع إلى ما أبداه سيدنا الحسن من تضحية عظيمة في سبيل إنهاء الصراع الدائر بين المسلمين، وبهذا توحد العالم الإسلامي المقسّم، وباتت الشام عاصمة الدولة الإسلامية، وكانت هذه النقطة هي بدء تأسيس الدولة الأموية.

وتضحية سيدنا الحسن هذه ذكرها رسول اللّٰه عليه الصلاة والسلام، فقد روى البخاري في  صحيحه (حديث رقم/٢٧٠٤) عن أَبَي بَكْرَةَ قال: “رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى المِنْبَرِ وَالحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى جَنْبِهِ ، وَهُوَ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ مَرَّةً، وَعَلَيْهِ أُخْرَى وَيَقُولُ: إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ”.

الدولة الأموية من التأسيس إلى السقوط

تأسيس معاوية بن أبي سفيان للدولة

كان سيدنا معاوية بن أبي سفيان والي الشام من قبل سيدنا عثمان، وحين قُتل سيدنا عثمان أراد معاوية محاكمة قتَلة عثمان _ رضي الله عنه_ فوراً في حين تريّثَ سيدنا علي _ رضي الله عنه_ في ذلك، وهذا كان سبب خلافهما الذي أنشب حرباً؛ ثم جرت مسألة التحكيم التي قام بها عمرو بن العاص، وبقي هذا الخلاف قائماً إلى حين «عام الجماعة» ـ آنِف الذِّكرـ وتنازُل سيدنا الحسن عن الخلافة لمعاوية رضي الله عنهما، وهنا بدأ عصر الدولة الأموية التي نقلت مقر العاصمة إلى دمشق، واعتمدت النظام الوراثي في الحكم، وباتت الخلافة تنتقل من الأب للابن.

حملات المسلمين على الروم البيزنطيين

جهز معاوية جيشاً برياً وقوات بحرية قوية، وكان يعد العدة للهجوم على الروم، وفي عام (٦٦٩م) أحاط الأسطول البحري الإسلامي تحت إمرة عبد الرحمن بن عوف بالقسطنطينية (إسطنبول)، واستشهد في هذا الحصار خالد بن زيد (أبو أيوب الأنصاري ) أحد صحابة الرسول عليه الصلاة والسلام، ودفن تحت أسوار قلعة هذه المدينة.

وفي عام (٦٧٤م) واصلت القوات الأموية مجدداً محاصرة إسطنبول وقد استمرت محاصرتهم سبع سنوات، وكانت «النار اليونانية» أكثر ما أخاف العرب في هذا الحصار، فبهذه المادة كان البيزنطيون يحرقون السفن الحربية أو يَحُولون دون وصولها إليهم.

 ولكن قام الأمويون في طريق عودتهم – بعد أن باء حصارهم لإسطنبول بالفشل – بفتح (رودوس)، ونُظمت حملات ضد البيزنطيين عن طريق البر، وأنشأ معاوية نظام (الغزوة)، فوضع على طول الحدود الشمالية الشرقية خطاً محكماً وثغوراً دائمة لمواجهة الروم، فأقيمت الثكنات العسكرية في هذه المواقع المحصّنة، وتمت مواصلة الجهاد ضد البيزنطيين دونما توقف.

الفتوحات تمتد نحو الشرق والغرب

وُكّل عقبة بن نافع (أحد قادة معاوية المشهورين) بفتح أفريقية الشمالية المقسّمة إلى دول هي تونس والجزائر والمغرب، وفي عام (٦٧٠م) أنشأ عقبة مدينة (القيروان)، ومن المشهور مقولة عقبة بن نافع فاتح أفريقية الشمالية، حيث قال وهو يعيش نشوة إيصال الإسلام إلى الناس هناك سائراً على متن جواده نحو المحيط الأطلسي: “يا رب لولا هذا البحر لمضيتُ في البلاد مجاهداً في سبيلك…”.

وقد زحف القائد الأموي مع محاربيه إلى آسيا الوسطى، حتى إنهم تجاوزوا نهر جيحون، وأتموا فتح خراسان، ونظموا غارات على بخارى، ومن ثم اتجهوا نحو الغرب ودخلوا دولة أفغانستان حتى بلغوا كابول.

حادثة كربلاء

كان معاوية المتوفى سنة (٦٨٠م) قد عيّن ابنه يزيد أميراً من بعده، وأثار هذا الأمر استياء الكثيرين وخاصة سيدنا الحسين رضي الله عنه، حيث كان أحد وجوه الصحابة وسيد بني هاشم، ولذلك دعا أهلُ الكوفة سيدَنا الحسين للمجيء إلى الكوفة لمبايعته خليفة للمسلمين بدل يزيد، وتوجه سيدنا الحسين نحو الكوفة في أيلول آخر سنة (٦٨٠م) مع بعض أقربائه وأنصاره.

ولما بلغ خبر مسير الحسين _ رضي الله عنه_ عبيدَ الله بن زياد المعروف بقساوة قلبه، أرسل قوة بإمرة الحُرّ بين يزيد التميمي، وكان الحرّ قد أتى مُنْطَوياً على نيّات خبيثة، إلا أنه لما رأى الحسين غدا شاهداً على نيته الطيبة ونزاهته، وانضم إليه بدل مواجهته، وبعد انضمام الحرّ إلى الطرف الثاني أرسل عبيد الله بن زياد قوة مؤلفة من ٣٠٠٠ بإمرة عمر بن سعد،

وقد طلب عمر إلى سيدنا الحسين الذي أقام مُخيّمه في كربلاء (الواقعة في العراق) طلب منه أن يستسلم، وقام سيدنا الحسين ببيان أن ما تعرّض إليه من المعاملة كان ظلماً، فهو قد أتى من أجل السِّلم وليس لإلحاق الأذى بأي أحد، وأما عمر بن سعد فأظهر أسفه الشديد للوضع، لكن لأنه جندي مأمور أُجبِر على سَوْق سيدنا الحسين ومَن حوله، وفي حال أقسم سيدنا الحسين على التزامه بطاعة الخليفة فسيخلي سبيله ومن معه.

كان سيدنا الحسين على علم بعدم أهلية يزيد لخلافة المسلمين، فإن هو أطاعه باع منزلته ومكانته وبات مُستخدِماً محبة وثقة الناس به في الإساءة، فقال لعمر:

“إما أن تتركوني أرجع من حيث جئت، وإما أن تخلّوا بيني وبين الطريق إلى الأعاجم، أقاتل فيهم حتى أموت، وإما أن أسير إلى يزيد”.

وكان عمر بن سعد يتأمل في عَرض سيدنا الحسين، ويفكر في حل للأمر، إلا أنّ شخصاً خبيث النية يُدعى «شمر بن ذي الجوشن» وصف تصرف عمر المسالم بأنه جبن وخوف، وبذلك فتح الطريق أمام توتر الأجواء.

وبدأت المعركة في العاشر من تشرين الأول سنة ٦٨٠م، وكان مَن مع سيدنا الحسين لا يتجاوز عددهم المئة، كان التفاوت بين الطرفين بارزاً جداً، وبالرغم من ذلك قدم أقرباء سيدنا الحسين وأنصاره الشجعان مثالاً للبسالة لا مثيل له، واستشهد في الاحتدام أولاده وأولاد أخيه واحداً تلو الآخر، فوضع الحسين أجساد أقربائه من الشهداء جانب المخيمات، وعند الظهيرة دعا بدعاء خيّر، وودع أهله ذاهباً إلى آخر معركة له.

حين تقدم سيدنا الحسين القتال لم يجرؤ الطرف الآخر على مبادرة القتال بالهجوم على حفيد رسول الله، ولكن بعد إثارة شمر الحماسةَ بين الجند بالسخرية والإهانة، هاجموا وقد غدوا كالجسد الواحد، عندها أظهر سيدنا الحسين مقاومة ملحمية استثنائية، إلا أنه من المستحيل تغلُّبه أمام هذا الجمع الغفير من الأعداء، فوقع من ظهر جواده مصاباً، ودهس من قِبل خيل المحاربين العراقيين ومن ثم قُطع رأسه المبارك، وأُرسل رأسه مع مَن بقي من أهل بيته إلى يزيد.

بدا يزيد غير راض بهذه النتيجة التي وصل إليها الأمر، وقد بقي على قيد الحياة علي (أحد أولاد سيدنا الحسين)، فطلب يزيد إليه الصفح و بيّن عدم مسؤوليته عن هذه المأساة، وأن عبيد الله تجاوز الأوامر إلى حدٍّ بعيد، إلا أنه لم يصدقه أحد، وبهذه الحادثة أضحى من المؤكد انقسام العالم الإسلامي إلى فرقتين: أهل السنة والشيعة.

عهد ازدهار الأمويين (زمن عبد الملك الأول، وزمن يزيد الأول

الاضطربات الداخلية والقضاء عليها

لم تتفاعل منطقة الحجاز على نحو إيجابي مع خلافة يزيد، وقد اشتدت حِدة التوترات بعد مأساة كربلاء، وهناك شخص آخر قد عارض الخلافة الأموية، وهو سيدنا عبد الله بن الزبير ابن أخت السيدة عائشة وحفيد سيدنا أبي بكر، فلما أعلن نفسه خليفة بايعَتْه منطقة الحجاز وجنوب شبه الجزيرة العربية، إلا أن مسلم بن عقبةوهو أحد قادة يزيد ألحق الهزيمة بقوات عبد الله بن الزبير بالقرب من المدينة المنورة سنة (٦٨٣م)، حتى إن قوات يزيد سلبت المدينة، ومن ثم حاصرت مكة المكرمة التي تحصن بها عبد الله، وقصفوها بالحجارة والمنجنيق ولم يراعوا حرمة البلد الحرام…

وبوفاة معاوية الثاني بن يزيد بعد فترة قصيرة من توليه مكان أبيه، انتقلت الخلافة إلى مروان بن الحكم عام (٦٨٣ – ٦٨٥)، واستمر في المقاومة ضد عبد الله بن الزبير، وقمع نوعاً ما أعمال الشغب الحاصلة في العراق وسورية، وعندما توفي أخذ مكانه ابنه عبد الملك بن مروان سنة (٦٨٥ – ٧٠٥)، وأظهرت الدولة الأموية تقدماً وازدهاراً بعد تولي عبد الملك بن مروان بن الحَكم، واستمر اتساع رقعة الدولة بتولي الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بعده عام (۷۰۵ – ۷۱۵)، وفُتحت الكثير من الأماكن، ولاقى التنظيم الداخلي للدولة اهتماماً، لكن الاضطرابات ما تزال قائمة في الدولة لم تُخمد كلياً، فاتُّخذت شتى التدابير اللازمة وقاموا بالأمور المطلوبة.

استيلاء الأمويين على مكة

كُلِّف الحجاج بن يوسف الثقفي وهو أحد قادة عبد الملك باستعادة السيطرة الكاملة على العراق والحجاز التي يحكمها عبد الله بن الزبير وضمها إلى البلاد.

كان الحجاج الذي حاصر مكة شديداً جداً، وقاومه المكّيّون بشجاعة عظيمة، وقد قاتل عبد الله بن الزبير في الاشتباكات حتى النهاية، وعلى الرغم من محاربة عبد الله وأهل مكة ببطولة فريدة إلا أنهم انهزموا أمام قوات الحجاج التي تفوقهم عدداً.

وبسقوط مكة سقطت سائر قلاع الحجاز، ومن ثم حُمِل أهل منطقة اليمن على الخضوع، وهرب من تبقى من معارضي بني أمية إلى خراسان، وواصلوا معارضتهم الأمويين سراً وجهراً .

الفتوح الجارية في الأناضول والقفقاز وأفريقية الشمالية

إن مدة حكم عبد الملك كانت زاخرة بالفتوحات، حيث كانت جيوش الإسلام المرابطة في الشمال تعمل على قدم وساق في الذّود عن الحدود ضد البيزنطيين، إلا أن إمبراطور البيزنطيين لم يَتَوانَ عن إرسال قواته إلى ما وراء الحدود مُستفيداً من الصراعات الداخلية الجارية بين المسلمين، ولكن ما لبث المسلمون بعد استقرار الأوضاع الداخلية أن بدؤوا بمرحلة الهجوم فدخلوا أراضي الأناضول فاتحين، وبالأخص في عهد الوليد الأول حيث تم فتح الكثير من المدن والمناطق في الأناضول بقيادة قادة كمسلمة بن عبد الملك.

وقام الوليد بعد هذه الانتصارات التي أحرزها مسلَمة في الأناضول بتعينه والياً على الجزيرة والموصل.

 وعند تَوْليةِ مسلَمة كانت الحدود الشمالية للموصل تتعرض للهجمات التركية، فزحف مسلمة نحو أذربيجان والقفقاز رغبة منه في الحيلولة دون ذلك، وتمكن من السيطرة على كثير من المواقع في أذربيجان والقفقار، وفي هذه الأثناء كان ابن أخيه عمرو بن الوليد قد بلغ مشارف إسطنبول سنة (۷۱۲م)

وأما موسى بن نصير المُعيَّن من قبل الوليد بن عبد الملك والياً على أفريقية فقد تقدم نحو المحيط الأطلسي لإخضاع البرابرة للطاعة، وبهذا تمكن من إخضاع أفريقية الشمالية كلياً بين عامي (۷۰۹ – ۷۱۰).

وبعد مدة من الزمن أرسل موسى بن نصير قائده طارق بن زياد إلى الأندلس (إسبانيا ) فاتحاً، حتى إنه يُروى عنه بعد نزوله على شواطئ الأندلس أنه أمر بإحراق السفن ليؤكد للجنود عزمه على المضي في الفتح إلى نهاية المطاف.

وألحق المسلمون الهزيمة بقوات (رودريك )وباتت إسبانيا وشيكةً من الفتح الشامل من أولها إلى آخرها.

فتوح ما وراء النهر وتركمانستان

كان الحجاج قد أرسل أحد قادته وهو عبد الرحمن بن محمد إلى كابول التي رفض حاكمها إعطاء الجزية ورفضه للإسلام ، فأتى عبد الرحمن إلى كابول وأخضعها لحكم المسلمين.

ومن الجهة الأخرى أُرسل قتيبة بن مسلم لفتح بلاد ما وراء نهر جيحون، فاستولى قتيبة على بلخ وبخارى و من ثم سمَرقند وما يجاورها، وتوجه فيها بعد ذلك إلى  خوارزم، وفي عام ٧١٣ سيطر على فرعانة وبهذا تكون بلاد ما وراء النهر قد فُتحت تماماً.

ولما استولى قتيبة على كشغر (غرب تركمانستان) كان قد بلغ حدود الصين، مما أقلق أمبراطور الصين، فبعث إلى قتيبة بالرسل والهدايا العديدة وصالحه عام (٧١٥ ).

ومن الأعمال التي تُحسب للحجاج تسييره الجيوش لفتح الهند، حيث تمكن محمد بن القاسم المرسَل بجيش عظيم إلى الهند من تحقيق انتصارات هامة، وتم فتح العديد من المدن، وخَضعت إمارات الهند للجزية.

التحديثات الجارية في تنظيم الدولة الأموية

حقق الخليفة عبد الملك (٦٨٥- ٧٠٥) بعض التحديثات في المجال الإداري والاجتماعي والاقتصادي، ويأتي على رأس هذا ضرب النقود باسمه لأول مرة في العالم الإسلامي، إذ كان فيما سبق تُستخدم نقود أخرى، فقام عبد الملك بضرب نقود جديدة من الذهب والفضة وأخرج كل النقود السابقة من التداول، وأما التغيير الجذري الآخر الذي أحدثه عبد الملك فقد كان في ميدان اللغة، حيث عرّب دواوين الدولة في كل من مصر والشام والعراق، علاوة على أمره بتأسيس نظام البريد، وتنظيم النظام الضريبي.

كان الوليد بن عبد الملك حاكماً رحيماً رؤوفاً، اهتم بإقامة المنشآت العمرانية والمؤسسات التعليمية والطبية، وبذل جهوداً كثيرة في ترسيخ سيادة القانون وتطبيق العدالة.

أواخر عهد الأمويين

بعد وفاة الوليد بن عبد الملك تولى أخوه سليمان الخلافة من بعده (۷۱۵-۷۱۷)، ولكنه لم يكن حاكماً حصيفاً كأخيه الوليد، فكانت إحدى أعماله غير المبررة حصار القسطنطينية الذي باء بعد جهود مضنية بالفشل، وثمة تقدم واضح في الأندلس (إسبانيا)، حيث قام واليها الحر بن عبد الرحمن بتجاوز جبال البرانس والدخول إلى الأراضي الفرنسية.

ويختلف عمر بن عبد العزيز الذي تولى الخلافة بين عامي (۷۱۷-۷۲۰م) عن سائر الخلفاء الأمويين بأمانته وإيمانه و حرصه وعدالته، وسرعان ما لاقت مختلف أعماله التي حققها ضمن الدولة إعجاب جميع المسلمين، فبعد أن شاعت عادة لعن سيدنا علي _رضي الله عنه _ في خطب الجمعة أزالها سيدنا عمر بن عبد العزيز، ورد الأموال المخصصة لآل بيت سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام إليهم مجدداً، كما أسقط عن غير المسلمين بعض الضرائب الزائدة التي كانوا يدفعونها، وحرَص على المساواة بين الرّعيّة، وكان زاهداً متواضعاً يعيش حياة بسيطة كسائر الناس، وقد أطلق على عمر بن عبد العزيز اسم (عمر الثاني) لشبهه بجده سيدنا عمر في العدالة والإدارة كما سماه المؤرخون باسم(الخليفة الراشدي الخامس)

سقوط الدولة الأموية

هناك عدة عوامل ساهمت في سقوط الدولة الأموية ومنها:

١ـ  إن أهم عامل في انهيار الدولة الأموية انبعاث العصبية القبلية من جديد بعد أن حاربها الإسلام وغيبها عن ثقافة المجتمع، والصراعات القبلية إنما غذّاها استناد النظام العسكري على الأساس القبلي، واحتلال الخلفاء والولاة مكانهم في النزاع القبلي، والاستخدام المتبادل لهؤلاء للقبائل في سبيل الأطماع السلطوية مؤدياً إلى تجرؤ المجتمع وانقسامه إلى شمالي وجنوبي (مضرية ويمنية).

٢ـ كانت الدولة الأموية دولة عربية، إذ ظهرت هذه الخاصية في المجتمع بعد عهد معاوية، كما أنها ظهرت في السنوات اللاحقة على أنها قومية متينة، إلى جانب اختلاف معاملتهم مع غير العرب من المسلمين، مما أثر على نمط النظرة العامة لغير العرب من المسلمين تجاه الدولة والعرب وإضمار الحقد والبغضاء، وقد لعب هؤلاء من غير العرب المُسَمون بـ (الموالي) دوراً محورياً في انهيار الدولة الأموية.

٣ـ انشغال بعض الخلفاء باللهو وسفاسف الأمور عن إدارة الدولة وتطويرها ومتابعة ما بدأه الخلفاء الأوائل من فتوحات وانتصارات.

٤ـ أضعف قوة الدولة تمردُ قادة وأشخاص ذائعي الصيت وعلى رأسهم أتباع سيدنا علي بما في ذلك الخوارج وأمثال عبد الله بن الزبير وابن الأشعث والحارث بن سريج ويزيد والمهلّب؛ وقد سُئل أحد أشراف بني أمية وأعلمهم بتاريخ الدولة عن السبب في انهيار سلطة بني أمية فأجاب: “أننا ظلمنا قومنا بقضاء وقتنا في اللهو والعبث والاستمتاع في حين كان الأجدر بنا التحري عن أحوال الناس والاهتمام بهم، فغدوا في حالة من الرغبة في التخلص منا وقد قطعوا الأمل من عدالتنا، فأساؤوا معاملة موظفي الضرائب، وابتعدوا عنا، وبهذا أضحت أراضينا خراباً، وفرغت خزائننا، وضعنا ثقتنا في وزرائنا وولاتنا إلا أنهم فضلوا مصالحهم الشخصية على منافع الدولة، وتصرفوا من تلقاء أنفسهم ولمصالحهم الشخصية”.

أحداث ذات أهمية في العهد الأموي

1_حصار القسطنطينية ( إسطنبول ): حيث حاصر الأمويون القسطنطينية مرتين، (٦٦٨ – ٦٧٤ ) بيد أن محاولتهم لم تثمر.

٢ـ حادثة كربلاء (٦٨٠): وهي حادثة مقتل سيدنا الحسين ( الابن الصغير لسيدنا علي )وأنصاره ممن لم يعترفوا بخلافة يزيد، وقد أدت هذه الحادثة المأساوية إلى انقسام العالم الإسلامي إلى شيعة وأهل سنة.

٣ـ فتح إفريقية الشمالية: وصلت الجيوش الأموية تحت إمرة عقبة بن نافع حتى المحيط الأطلسي، بعد فتحها أفريقية الشمالية كلها.

٤ـ معركة قاديكس : كانت القوات بقيادة طارق بن زياد قد دخلت إسبانيا باجتيازها مضيق جبل طارق سنة (۷۱۱م) ولاقت القوط الغربيين، وحققت النصر بقتل الملك (رودريك)، كما فُتحت إسبانية في مدة قصيرة بمساهمة من موسى بن نصير حين جاء بتعزيرات جديدة، وكان المسلمون يطلقون على إسبانية اسم ( الأندلس).

٥ـ معركة بواتييه : في عام ۷۳۲ انهزم الأمويون الذين دخلوا فرنسا بقيادة عبد الرحمن الغافقي باجتيازهم جبال البرنس أمام الفرنسيين تحت إمرة (تشارلر مارتيل) في بوتييه، وهذه الهزيمة أوقفت تقدم المسلمين في أوروبا الغربية.

٦ـ الحملات إلى الأناضول والقفقاز وما وراء النهر وتركستان:

كان الأمويون قد استولوا على بعض المدن بفتوحاتهم في ناحية الأناضول ضد البيزنطيين، كما تمت السيطرة على بعض المناطق في القفقاز وما وراء النهر وتركستان، وقام المسلمون بالاستيلاء على مدن كـ (بيكند و بخارى وسمرقند

والفرغانة) من خلال مداهمتها والإغارة عليها ثم تخريبها.

٧ـ  أعلنت اللغة العربية لغة رسمية، وضربت النقود العربية الإسلامية (الدينار) لأول مرة.

٨ـ اتسعت الحركة التي ظهرت بعصيان وتمرد أبي مسلم الخراساني في فترة وجيزة، ووصلت الدولة الأموية إلى نهايتها بانهزام آخر خلفاء بني أمية مروان بن محمد، ومقتله في مَعْرَكَةُ الزَّابِ التي وقعت في الحادي عشر من جمادى الآخرة عام ١٣٢ هـ الموافق ٧٥٠م قرب نهر الزاب الكبير وهو أحد روافد نهر دجلة، ويقع في شمال العراق، وكانت بينه وبين القائد العباسي عبد الله بن علي، وهنا كانت نهاية الدولة الأموية وبداية الدولة العباسية.

الخاتمة

وفي نهاية المطاف يمكننا القول: إن الدولة الأموية كانت أولى الدول الإسلامية التي أسهمت في نشر الإسلام في شتى أصقاع الأرض من خلال الفتوحات في الشرق والغرب، وكان لها إسهامات كبيرة في الحضارة والعمران وتعريب العلوم ونقلها إلى العربية

الأسئلة الشائعة عن الدولة الأموية

متى بدأت الدولة الأموية، ومتى انتهت؟

بدأت عام: (٤١هـ  ــ ٦٦١م) وانتهت عام: (١٣٢هـ ــ ٧٥٠م)

من خلفاء الدولة الأموية بالترتيب، وكم حكم كل منهم؟

معاوية بن أبي سفيان( ٦٦١-٦٨٠)

يزيد بن معاوية( ٦٨٠-٦٨٣)

معاوية بن يزيد( ٦٨٣-٦٨٤)

مروان بن الحكم (٦٨٤-٦٨٥)

عبد الملك بن مروان( ٦٨٥-٧٠٥)

الوليد بن عبد الملك(٧٠٥-٧١٥)

سليمان بن عبد الملك( ٧١٥-٧١٧)

عمر بن عبد العزيز( ٧١٧-٧٢٠)

يزيد بن عبد الملك( ٧٢٠-٧٢٤)

هشام بن عبد الملك (٧٢٤-٧٤٣)

الوليد بن يزيد ( ٧٤٣-٧٤٤)

يزيد بن الوليد (٧٤٤)

إبراهيم بن الوليد( ٧٤٤)

مروان بن محمد، (٧٤٤-٧٥٠)

من مؤسس الدولة الأموية الحقيقي؟

أبو عبد الرحمن معاوية بن أبي سفيان الأموي القرشي.

كم سنة دام حكم الدولة الأموية؟

قرابة ٩٠ عاماً.

ما الدول التي أنشأها الأمويون

دولة الأندلس في المغرب.

ما مذهب الدولة الأموية؟

المذهب السني.

كيف مات معاوية بن أبي سفيان؟

مات إثر مرض نزل به سنة ٦٠ للهجرة في دمشق.

هل كان الأمويون عرباً؟

نعم؛ هم من بني أمية بن عبد شمس، وهي قبيلة قرشية من أشراف العرب.

ما أسباب سقوط الدولة الأموية؟

ولاية العهد، والعصبية القبلية، والثورات، وانشغال بعض الخلفاء باللهو ونحو ذلك.

من أول حاكم في الدولة الأموية؟

معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما.

من الذي قضى على الدولة الأموية؟

الدولة العباسية.

ما سبب الخلاف بين معاوية وعلي بن أبي طالب؟

مطالبة معاوية بمحاكمة قتلة عثمان _رضي الله عنه _ فوراً، وتريّث سيدنا علي في ذلك.

لماذا حارب العباسيون الأمويين؟

لأن العباسيين عدوا أنفسهم أحق بالخلافة لقرابتهم من الرسول عليه الصلاة والسلام، وكونهم من آل البيت.

كم عدد خلفاء الدولة الأموية؟

أربعة عشر خليفة.

لماذا سميت الدولة الأموية بهذا الاسم؟

استمدت الدولة الأموية تسميتها من أصول الخلفاء الذين تتابعوا في حكمها، إذ ينحدرون من بني أمية.

كيف تم القضاء على الدولة الأموية؟

تم القضاء عليهم في معركة الزاب التي خسر فيها الأمويون وانتصر عليهم العباسيون، وبذلك انتهى عهد بني أمية.

هل خضعت الأندلس للعباسيين؟

لم تخضع للعباسين قط.

من أول خليفة أموي في الأندلس؟

عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان الملقب بصقر قريش، ويعرف بـ (عبد الرحمن الداخل).

هل الأمويون شيعة أم سنة؟

سنة.

هل الأمويون مسلمون؟

نعم.

من مؤسس الدولة الأموية؟

الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما.

ما أصل بني أمية؟

أصلهم عربي من قريش.

متى بدأت الدولة العباسية، ومتى انتهت؟

بدأت ١٣٢ هـ/٧٥٠ م، واستمرت أكثر من خمسة قرون، حتى قضى عليها المغول عام ٦٥٦ هـ/١٢٥٨م.

الكاتب: أ. بشار حمو

شارك المقال مع اصدقـائك: