حفظ القرآن - أهميته و10 مزايا لحافظ القرآن
فضل حفظ القرآن
فضل حفظ القرآن الكريم كبيرٌ، وهو تبع لفضل القرآن نفسه، فهو كلام ربّ العالمين المعجزُ الذي جعله الله تعالى هداية للبشر، فأي شيء أعظم من أن يكون كلام ربك محفوظاً في صدرك متلوّاً بلسانك، مطبقاً في أفعالك.
وفي حفظه تحقيق لموعود الله تعالى بحفظ القرآن الكريم: ﴿إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ﴾ (الحجر : ٩)
فأي شرف أعلى من أن يجعلك الله سبباً في تحقيق موعوده وبقاء كتابه؟
وقد جاءت دلائل من القرآن الكريم والأحاديث النبوية تبيّن مكانة ومنزلة أهل القرآن التالين له والحافظين له، وإن كانت أغلب آيات وأحاديث هذا الباب لم تذكر صراحة الحافظ بل ذكرت القارئ والتالي، ولكن المفهوم من سياق هذه الدلائل أن الحافظ يدخل في جملة هذه الفضائل، بل لا شك أن الحافظ أعلى درجة من القارئ إذا استويا في مقدار القراءة والتدبر والعمل.
آيات عن حفظ القرآن الكريم
- قال تعالى في سورة العنكبوت: ﴿بَلۡ هُوَ ءَايَٰتُۢ بَيِّنَٰتٞ فِي صُدُورِ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَۚ﴾ (العنكبوت : ٤٩) فبيّن سبحانه أن من علامات العلماء حفظ القرآن الكريم.
- قال تعالى في سورة القمر: ﴿وَلَقَدۡ يَسَّرۡنَا ٱلۡقُرۡءَانَ لِلذِّكۡرِ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ﴾ (القمر : ٢٢) وقد فسر الإمام القرطبي هذه الآية بقوله: أي سهلناه للحفظ وأعنا عليه من أراد حفظه؛ فهل من طالب لحفظه فيعان عليه؟
- قال تعالى في سورة فاطر:﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يَتۡلُونَ كِتَٰبَ ٱللَّهِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ سِرّٗا وَعَلَانِيَةٗ يَرۡجُونَ تِجَٰرَةٗ لَّن تَبُورَ﴾ (فاطر : ٢٩)
أحاديث عن حفظ القرآن الكريم
- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف”.
- عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “يجيء القرآن يوم القيامة، فيقول: يا رب حله، فيُلبَس تاج الكرامة، ثم يقول: يا رب زده، فيُلبَس حلة الكرامة، ثم يقول: يا رب ارض عنه فيرضى عنه، فيقال له اقرأ وارق وتزاد بكل آية حسنة”.
- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “بئس ما لأحدهم أن يقول نسيت آية كيت وكيت بل نُسِّي. واستذكروا القرآن فإنه أشد تفصياً من صدور الرجال من النعم”.
- عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “تَعاهَدُوا هذا القُرْآنَ، فَوالذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ لَهو أشَدُّ تَفَلُّتاً مِنَ الإبِلِ في عُقُلِها”.
والحديثان الأخيران فيهما حث صريح على حفظ القرآن الكريم.
حفظ القرآن الكريم
حفظ القرآن الكريم – ويُقال: استظهار القرآن الكريم – هو قدرة الحافظ على قراءة آيات القرآن من ذاكرته دون النظر إلى المصحف. ويكون الحفظ بالقدرة على استذكار آياته مرتبة بالترتيب الذي نزلت به، ومعرفة أسماء سوره وبداياتها ونهاياتها.
ويتميز حفظ القرآن الكريم عن غيره من المحفوظات بأنه:
لا بد فيه من الحفظ الدقيق لكل حرف وحركة ولفظة؛ فلا يسمى الحافظ حافظاً للقرآن إن كان يخطئ في حركاته أو ألفاظه؛ فيزيد شيئاً أو ينقص شيئاً، ولو كان المزيد أو المنقَص لا يؤثر بشكل كبير في المعنى، بينما باقي المحفوظات يمكن أن يُتساهل في حفظها الدقيق بحيث يتحقق المعنى العام.
فلو قال لك أحدهم: قل لفلان: (سأزورك يوم الثلاثاء) فقلت له: (سيزورك فلان في الثلاثاء)، فهذا مقبول منك وتُعَدّ مؤدياً للرسالة، ولن يلومك أحد أو يتهمك بالتحريف لأنك قلت (في الثلاثاء) بدلاً من (يوم الثلاثاء).
حتى في الشعر الذي يُعدّ موزوناً بموازين دقيقة، لو غيّرت حرفاً ووضعت حرفاً آخر يستقيم معه الوزن ولا يختلف فيه المعنى لما وجدت من يعيب صنيعك.
أما هذا فلا يقبل ألبتة في القرآن الكريم، فلا بد من تأديته تماماً كما نزل، بحركاته وسكناته وحروفه، بل بأصوات حروفه وصفاتها المتعارف عليها بين أهل التجويد.
سريع التفلت: قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو موسى الأشعري: “تَعاهَدُوا هذا القُرْآنَ، فَوالذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ لَهو أشَدُّ تَفَلُّتًا مِنَ الإبِلِ في عُقُلِها”.
فالقرآن الكريم يحتاج إلى مراجعة دائمة، وتكرار غير منقطع، ولو كان ذلك ممن حفظه قبل سنوات كثيرات وراجعه مرات وكرات، وهذا من مظاهر عزة هذا الكتاب:﴿… وَإِنَّهُۥ لَكِتَٰبٌ عَزِيزٞ﴾ (فصلت : ٤١)
فلو تركته تركك وتفلت منك، بخلاف المحفوظات الأخرى من شعر ونثر، فإنها قد لا تحتاج كل هذه المراجعة حتى تبقى في ذهنك، فقد تحفظ أبياتاً من الشعر في صغرك، فلا تنساها طوال حياتك.
وهذا الأمر لا يعد مأثرة لغير القرآن على القرآن، بل العكس، فالقرآن – كما قدمنا – عزيز لا يرضى أن يبقى في ذاكرة من يلهو وينصرف عنه.
يُتعبد بحفظه: فالقرآن الكريم الذي هو كلام ربنا عز وجل، يُحفَظ لذاته، ولغايات أخرى، ويُؤجَر العبد على حفظ كل حرف منه، بينما غيره من المحفوظات التي لا يُنال الأجر لحفظها إنما للقصد الذي حُفظت له.
فمن حفظ الشعر ليضبط لسانه ويفهم من خلاله كلام ربه يُؤجر على حفظه للغاية التي حفظ لأجلها لا لمجرد الحفظ.
أما من يحفظ القرآن فينال الأجر لمجرد الحفظ، ويتضاعف هذا الأجر كلما كانت له غاية شريفة من ذلك الحفظ.
10 مزايا لحافظ القرآن الكريم
لحافظ القرآن مرتبة ومكانة عظيمة عند الله تعالى، ويكفيه مزية وشرفاً أن اصطفاه الله تعالى ليحمل كلامه في صدره.
وسنذكر عشرة من المزايا التي يتميز بها حافظ القرآن من غيره:
- يُقدّم للإمامة في الصلاة على غيره: عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يَؤُمُّ القَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ، وَأَقْدَمُهُمْ قِرَاءَةً، فإنْ كَانَتْ قِرَاءَتُهُمْ سَوَاءً، فَلْيَؤُمَّهُمْ أَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فإنْ كَانُوا في الهِجْرَةِ سَوَاءً، فَلْيَؤُمَّهُمْ أَكْبَرُهُمْ سِنًّا…”.
- يقدم في المشورة والرأي: عن ابن عباس رضي الله عنه قال: “وكانَ القُرَّاءُ أصْحَابَ مَجْلِسِ عُمَرَ ومُشَاوَرَتِهِ، كُهُولاً كَانُوا أوْ شُبَّانًا”.
- إكرامهم من إجلال الله تعالى: عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنَّ من إجلالِ اللَّهِ إِكرامَ ذي الشَّيبةِ المسلمِ وحاملِ القرآنِ غيرِ الغالي فيهِ والجافي عنْهُ وإِكرامَ ذي السُّلطانِ المقسِطِ”.
- حافظ القرآن من أهل الله وخاصته: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنَّ للهِ أهلين من النَّاسِ قالوا من هم يا رسولَ اللهِ قال أهلُ القرآنِ هم أهلُ اللهِ وخاصَّتُه”.
- يقدم في القبر على غيره: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: ” كان النَّبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد ثم يقول: أيهم أكثر أخذاً للقرآن؟ فإذا أشير له إلى أحدهما قدَّمه في اللحد…”.
- جعله الله تعالى خير المسلمين: عن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “خيركم من تعلم القرآن وعلمه”.
- منزلته في الجنة عند آخر آية يحفظها: عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “يقال لصاحب القرآن: إقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها”.
- يتعدى فضله إلى والديه يوم القيامه: عن بريدة الأسلمي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عن صاحب القرآن: “وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ، وَيُكْسَى وَالِدَاهُ حُلَّتَيْنِ لَا يُقَوَّمُ لَهُمَا أَهْلُ الدُّنْيَا، فَيَقُولَانِ: بِمَ كُسِينَا هَذِهِ؟ فَيُقَالُ: بِأَخْذِ وَلَدِكُمَا الْقُرْآنَ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: اقْرَأْ وَاصْعَدْ فِي دَرَجَةِ الْجَنَّةِ وَغُرَفِهَا، فَهُوَ فِي صُعُودٍ، مَا دَامَ يَقْرَأُ هَذًّا كَانَ أَوْ تَرْتِيلً”.
- يشفع له القرآن: عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه…”.
- يكون مع الملائكة: عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الْماهِرُ بالقُرْآنِ مع السَّفَرَةِ الكِرامِ البَرَرَةِ، والذي يَقْرَأُ القُرْآنَ ويَتَتَعْتَعُ فِيهِ، وهو عليه شاقٌّ، له أجْرانِ”.
الكاتب: أ. مهند غزال
شارك المقال مع اصدقـائك: