fbpx

علوم القرآن الكريم

إن معجزة الأمة المحمدية في كتاب ربها العظيم، ذلك الكتاب الذي يمثل الدستور الذي تؤخذ منه الأحكام والتشريعات، والأوامر والنواهي، فيه دقائق الأسرار، وعظام الحقائق والإشارات، لا تنقضي عجائبه ولا يشبع منه العلماء، حوى ضروباً من المعارف وأصناف العلوم التي استقاها منه أرباب الأفهام والاختصاص.

وفي هذا المقال ستتعرف إلى ما يشتهر بفن (علوم القرآن الكريم)؛ ماهيته، وموضوعه، وفائدته، وتاريخ نشأته، ومصنفاته، وأهم موضوعاته التي يدرسها.

جدول المحتويات

تعريف علوم القرآن لغة واصطلاحاً

نرى أن مصطلح (علوم القرآن) يتكون من شطرين:

أ- علوم: وهو جمع علم، لغة: المعرفة والإدراك.

اصطلاحاً: إدراك الشيء ومعرفته على ما هو عليه بدليل.

ب- القرآن: لغة: مشتق من القَرِي، وهو الجمع والضم على أرجح الأقوال.

اصطلاحاً: هو كلام الله المنزل على النبي ﷺ المنقول عنه بالتواتر بواسطة الوحي جبريل، المتعبد بتلاوته، المعجز بلفظه ومعناه، المبدوء بسورة الفاتحة والمختوم بسورة الناس.

– أما (علوم القرآن)  كعِلم مدَوَّن وفنّ من الفنون: فهو مباحث تتعلّق بالقرآن الكريم من ناحية نزوله، وترتيبه، وجمعه، وقراءته، وتفسيره، وإعجازه، وناسخه ومنسوخه، ودفع الشُّبَه عنه، ونحو ذلك…

علوم القرآن الكريم

موضوع علوم القرآن وفائدة دراسته

أ- موضوعه

دراسة القرآن الكريم من النواحي المذكورة في التعريف السابق: (نزوله وترتيبه وجمعه وقراءته وتفسيره وإعجازه وناسخه ومنسوخه…).

ب- فائدة دراسته

تكوين الثقافة العالية العامة في القرآن الكريم، والتسلح بالمعارف القيمة فيه، استعداداً لحسن الدفاع عن حِمى الكتاب العزيز، وتسهيل خوض غمار تفسير القرآن الكريم كمفتاح للمفسرين، فمثله من هذه الناحية كمثل علوم الحديث (المصطلح) لمن أراد أن يدرس علم الحديث.

تاريخ علوم القرآن الكريم ومراحل نشأته ومصنفاته

ينقسم تاريخ هذا العلم ونشأته إلى ثلاث مراحل

١- عهد ما قبل التدوين.

٢- عهد التمهيد للتدوين.

٣- عهد التدوين.

١- عهد ما قبل التدوين

كان رسول الله وأصحابه يعرفون عن القرآن وعلومه ما عرفه العلماء من بعد، ولكن معارفهم لم تدوّن مستقلة، ولم تجمع في كتاب، لأنهم لم تكن لهم حاجة إلى التدوين والتأليف؛ فقد كان رسول الله بين ظهرانيهم؛ يَنزلُ عليه الوحي بالقرآن الكريم فيرتِّله على مسامعهم، ويكشف لهم عن معانيه وأسراره بوحي من ربه، إضافة إلى أن الصحابة كانوا عرَباً خُلَّصاً، متمتعين بجميع خصائص العروبة ومزاياها الكاملة من قوة في الحافظة، وذكاء في القريحة، وتذوق للبيان، وتقدير للأساليب، ووزن لما يسمعون بأدق المعايير، حتى أدركوا من علوم القرآن ومن إعجازه بسليقتهم وصفاء فطرتهم ما لا نستطيع نحن أن ندركه مع زحمة العلوم وكثرة الفنون.

وكان الصحابة -رضوان الله عليهم- مع هذه الخصائص أُمّيين، وأدوات الكتابة لم تكن ميسورة لديهم، والرسول نهاهم أن يكتبوا عنه شيئاً غير القرآن، وقال لهم أول العهد بنزول القرآن فيما رواه مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه -: “ولا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فَلْيَمْحُهُ، وَحَدِّثُوا عَنِّي فلا حرج، ومن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوأ مقعده من النار”، وذلك مخافة أن يلتبس القرآن بغيره، أو يختلط بالقرآن ما ليس منه ما دام الوحي نازلاً بالقرآن.

فلتلك الأسباب المتضافرة لم تُكتب علوم القرآن كما لم يكتب الحديث الشريف.

ومضى الرعيل الأول على ذلك في عهد الشيخين أبي بكر وعمر، ولكن الصحابة كانوا مضرب الأمثال في نشر الإسلام وتعاليمه، والقرآن وعلومه والسنة وتحريرها، تلقيناً لا تدويناً، ومشافهة لا كتابة.

٢- عهد التمهيد للتدوين

إنّ المشاركات التي كانت في عهد الخليفة الراشدي الثالث عثمان بن عفان -رضي الله عنه- مِن جمع القرآن في مصحف إمام، ونسخ عدة نسخ منه لإرسالها إلى الأقطار الإسلامية  كان الأساس لما يسمى (علم رسم القرآن).

وفي عهد علي -رضي الله عنه- وضع الأساس لما يسمى (علم النحو) بعد أن أمر علي -رضي الله عنه- أبا الأسود الدؤلي أن يضع بعض القواعد لحماية لغة القرآن من العجمة وتفَشّي اللحن بين الناس.

وبعد انقضاء الخلافة الراشدة وتحديداً في العهد الأموي ساهم مشاهير الصحابة والتابعين في وضع الأساس لما يُسمى(علم التفسير) و(علم أسباب النزول) و(علم الناسخ والمنسوخ ) و(علم غريب القرآن) ونحو ذلك من الأبواب التي تُعد أبواباً من علوم القرآن الكريم.

٣- عهد التدوين

في البدء اتجه المؤلفون في هذا العهد للكتابة في علم التفسير نظراً إلى أنه أصل العلوم القرآنية، ثم كتبوا في أنواع علوم القرآن، وعلى رأس من كتب في التفسير آنذاك: شعبة بن الحجاج، وسفيان بن عيينة، ووكيع بن الجراح، وتفاسيرهم التي كتبوها جاءت جامعة لأقوال الصحابة والتابعين، ثم جاء من بعدهم أبو التفسير وشيخ المفسرين الطبري المتوفى سنة ٣١٠ هـ، وكتابه أجل التفاسير وأعظمها لأنه أول من عرض لتوجيه الأقوال، وترجيح بعضها على بعض؛ وعرض للإعراب والاستنباط.

وأما في علوم القرآن الأخرى ففي مقدمة المؤلفين فيها:

 علي بن المديني شيخ البخاري الذي كتب كتاباً في أسباب النزول، وأبو عبيد القاسم بن سلام كتب في الناسخ والمنسوخ، وكلاهما من علماء القرن الثالث.

وفي مقدمة من كتب في غريب القرآن أبو بكر السجستاني وهو من القرن الرابع.

وفي طليعة المصنفين في إعراب القرآن علي بن سعيد الحوفي صنف فيه وهو من علماء القرن الخامس.

وفي هذا القرن -أي الخامس- ظهر اصطلاح (علوم القرآن)، وأول مَن كتب فيه أيضاً علي بن سعيد الحوفي المتوفى سنة ٤٣٠ هـ، واسم كتابه (البرهان في علوم القرآن)، ويقع في ثلاثين مجلداً.

 وفي القرن السادس ألّف ابن الجوزي المتوفى سنة ٥٩٧ هـ كتابين هما: (فنون الأفنان في علوم القرآن) و(المجتبى في علوم تتعلق بالقرآن ).

وفي القرن السابع ألف عَلَم الدين السخاوي المتوفى سنة ٦٤١ هـ كتاباً سماه (جمال القراء)، وألف أبو شامة المتوفى سنة ٦٦٥ هـ كتاباً سماه (المرشد الوجيز فيما يتعلق بالقرآن العزيز).

وحين أهلّ القرن الثامن كتب بدر الدين الزركشي المتوفى سنة ٧٩٤ هـ كتاباً وافياً سماه: (البرهان في علوم القرآن).

وفي القرن التاسع ألف جلال الدين البلقيني المتوفى ٨٢٤ هـ كتابه (مواقع العلوم من مواقع النجوم).

وفي القرن العاشر ألَّف الجبل الأشم الفخم العلَم جلال الدين السيوطي المتوفى سنة ۹۱۱ هـ كتابه المشهور (الإتقان في علوم القرآن)، وهو من أجمع الكتب في موضوعه، لأنه استفاد من مؤلفات السابقين وزاد عليها، وهو عمدة الباحثين والكاتبين في هذا الفن لِما حواه من مواد واسعة وفوائد جمة، وحظي من اسمه بنصيب بحق.

وهذه المصنفات على سبيل الإجمال لا الحصر، فهي لم تكن الوحيدة في العصور التي كتبت فيها، لكنها الأشهر والأبرز.

وفي العصر الحديث أثرى الباحثون المكتبة الإسلامية بعديد من المؤلفات البديعة في هذا العلم، مِن ذلك:

١- التبيان في علوم القرآن للشيخ طاهر الجزائري.

٢- منهج الفرقان في علوم القرآن للشيخ محمد علي سلامة.

٣- مناهل العرفان في علوم القرآن للشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني.

٤- مباحث في علوم القرآن للدكتور صبحي الصالح.

٥- من روائع القرآن للدكتور محمد سعيد رمضان البوطي.

٦- مباحث في علوم القرآن للأستاذ مناع القطان.

موضوعات علوم القرآن الكريم

١- ما يتصل بالقرآن الكريم اتصالاً مباشراً من نزوله، وترتيبه، وجمعه، وإعجازه، وأوجه قراءاته، ومكيِّه ومدنيِّه ونحو ذلك من التفاصيل التي تتعلق بمادته وثبوته ووصوله إلينا.

٢- علم التفسير: وهو أصل العلوم القرآنية.

٣- علم الناسخ والمنسوخ: وهذا وحده أفردت فيه المؤلفات.

٤- علم أسباب النزول: وهذا أيضاً له تصانيف خاصة به.

٥- علم المناسبات القرآنية: وهذا غير متفق عليه، ولكن القائلين به كتبوا فيه مستقلاً أيضاً.

٦- علم إعراب القرآن الكريم: وهذا يُعنى بضبط ألفاظ القرآن الكريم للبعد عن اللحن فيه.

خاتمة

 يمكنك أن تستخلص مما سبق أن علوم القرآن كفَنٍّ مدوَّن استهلَّت صارخة على يد الحوفي في أواخر القرن الرابع وأوائل الخامس، ثم تربت في حجر ابن الجوزي والسخاوي وأبي شامة في القرنين السادس والسابع، ثم ترعرعت في القرن الثامن برعاية الزركشي، ثم بلغت أشدها واستوت في القرن التاسع بعناية جلال الدين البلقيني، ثم اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج في نهاية القرن التاسع وبدء العاشر بهمة فارس ذلك الميدان صاحب كتابَي: (التحبير في علوم التفسير) و(الإتقان في علوم القرآن) للسيوطي عليه ألف رحمة من الله ورضوان.

 ثم وقف نموها بعد ذلك حتى هذا القرن الأخير، ثم بدأت تنتعش في هذه السنين من جديد، وعسى أن تعود سيرتها الأولى.

[يُنظر مناهل العرفان في علوم القرآن للشيخ عبد العظيم الزرقاني]

الأسئلة الشائعة عن علوم القرآن الكريم

ما الذي يُدرَّس في علوم القرآن؟

العلوم والمواد التي تتصل بكتاب الله اتصالاً وثيقاً.

ما فوائد دراسة علوم القرآن؟

– تكوين الثقافة العالية العامة في القرآن الكريم، والتسلح بالمعارف القيمة فيه استعداداً لحسن الدفاع عن حِمى الكتاب العزيز، وتسهيل خوض غمار تفسير القرآن الكريم كمفتاح للمفسرين، فمثله من هذه الناحية كمثل علوم الحديث (المصطلح) لمن أراد أن يدرس علم الحديث.

كيف أدرس علوم القرآن؟

– من مصنفاته الخاصة به التي من أبرزها كتاب (الإتقان في علوم القرآن) للسيوطي.

من مؤسس علوم القرآن؟

– علي بن سعيد الحوفي.

ما كتب علوم القرآن؟

– هي كثيرة أبرزها: البرهان في علوم القرآن للزركشي، والإتقان في علوم القرآن للسيوطي، ومناهل العرفان في علوم القرآن للزرقاني، وعلوم القرآن الكريم للدكتور نور الدين العتر.

ما أبرز علوم القرآن الكريم؟
علم التفسير، وأسباب النزول، والناسخ والمنسوخ، وعلم المناسبات القرآنية، وعلم إعراب القرآن الكريم.
ما معنى سبب النزول؟

– هو ما نزلت الآية أو الآيات متحدثة عنه، أو مبينة لحكمه أيام وقوعه.

من علّمَنا القرآن؟

– تلقيناه بالأسانيد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- عن جبريل، عن رب العزة تبارك وتعالى.

ما حكم دراسة علوم القرآن؟

– فرض كفاية.

ما الغرض من دراسة علوم القرآن؟

– تعين الباحث والدارس لها على فهم كتاب الله تعالى فهماً عميقاً، ومقاربة مراده إلى درجة كبيرة.

أيهما أفضل حفظ القرآن أو طلب العلم؟

– حفظ القرآن هو المنطلق لطلب العلم وممهد له، ومساعد عليه.

َن أول من وضع قواعد النحو؟

– أبو الأسود الدؤلي

متى ظهر مصطلح علوم القرآن، ومن أول من ألّف فيه؟

– ظهر في أواخر القرن الرابع وأول القرن الخامس، وأول من ألف فيه علي بن سعيد الحوفي.

من أول من ألّف في علم المناسبات القرآنية؟

– أبو بكر النيسابوري.

الكاتب: أ. بشار حمو

شارك المقال مع اصدقـائك:

zuolfa app

سجل معنا وابدأ تجربة تطبيق زلفى لتعلم القرآن واللغة العربية

إذا كنت ولي أمر ترغب في تعلم ولدك أو تعلمك بنفسك تلاوة القرآن الكريم أو اللغة العربية عن طريق تطبيق زلفى
شارك معنا اسمك ورقم هاتفك (وتساب) وترقب تواصلنا معك لنمنحك فرصة تجريب التطبيق

تسجيل سريع

لوغو منصة زلفى التعليمية

نسعى نحو العلوم زلفى
تعلم – استمتع – نافس

لنبقى على تواصل
حمل تطبيق زلفى الآن

جميع الحقوق محفوظة © 2025 منصة زلفى