مزايا شهر رمضان
شهر رمضان، وما أدراك ما شهر رمضان؟ شهر الفضائل والخصائص والرحمة والغفران، شهر التقرب إلى الحنّان المنّان، الملك الديّان، شهر الصيام والقيام والجود والإحسان.
سنتعرف في هذا المقال إلى حال المؤمن في هذا الشهر الكريم، وأبرز مزايا شهر رمضان والفضائل التي اختصها الله به وتفضل بها علينا.
استقبال شهر رمضان
حال المؤمن وهو يدخل في رمضان حال المشتاق الذي التقى بمن يحب، والغائب الذي عاد إلى أهله وبيته ووطنه؛ يقول العلامة الدكتور حسن هيتو حفظه الله تعالى في كتابه (فقه الصيام ص ١٤): “هل تريدون معرفة رمضان؟ إذاً: هل تعرفون الورد يَبْسُمُ للنَّدى؟ هل تعرفون الفراشات ترقص للأزهار؟ هل تعرفون البلابل تغني للجمال؟ هل تعرفون الليل يتنفس بزوغ الفجر؟ هل تعرفون الحياة تتجدد بالآصال والأسحار؟ هل تعرفون العاشق المتيم يذوب قلبه حينما تعاوده ذكريات الحبيب؟ إذا عرفتم هذا عرفتم شعور المؤمن حينما يهل عليه هلال رمضان، أو تعاوده ذكرياته”.
فوجهُه باسم مُتَهَلَّل بتباشير الرحمة التي تنبعث مع أول خيط من خيوط الفجر، في أول أيام هذا الشهر الكريم، لتنير دنياه بضياء الرحمة، والمسامحة والصفح والغفران، في ظلال العبادة البدنية والسمو الروحي، والخضوع والتواضع والاستكانة لخالق الأرض والسماء.
وقلبه خاشع ضارع في محراب العبادة والتبتل، يتغنى بكتاب الله تعالى، ويُرجِّعه في صفاء هذا الكون، بعد أن كُفّت عنه آثام الشياطين، وأوصدت أبواب النيران، وفتحت أبواب الجنان، ففاضت أرواحها على الأرض لتغمرها بنعيم الحب والوفاء والبشر والصفاء، فيجعل المؤمن يحس بنوع من أنواع السعادة التي تنتظره في ذلك العالم الأبدي الخالد.
يستقبله وهو ينوي أن يصومه وذلك بأن يَعْزم، ويقصد بقلبه بصدق صيام هذا الشهر وقيامه واغتنامه بالطاعات والقربات، فإن الأعمال مدارها على النية.
روى البخاري ومسلم من حديث عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول: “إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه”.
فضائل رمضان في القرآن وسنة النبي العدنان ﷺ
١- شهر الإيمان:
٢- شهر التقوى والوقاية:
٣- شهر فتح أبواب السماء، وفتح أبواب الجنة، وتصفيد الشياطين، وتغليق أبواب جهنم:
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة الله قال: قال رسول الله ﷺ: “إذا دخل شهر رمضان فُتحت أبوابُ السماء”.
وفي رواية: “فُتحَت أبواب الجنة”.
وفي رواية: “فُتحَت أبواب الرحمة، وغُلِّقت أبواب جهنم، وسُلْسُلَت الشياطين”.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح(٦٠٧/٤): “قال عياض: يَحتمل أنه على ظاهره وحقيقته، وأن ذلك كله علامة للملائكة لدخول الشهر وتعظيم حرمته، ولمنع الشياطين من أذى المؤمنين، ويَحتمل أن يكون إشارة إلى كثرة الثواب والعفو، وأن الشياطين يقل إغواؤهم فيصيرون كالمُصَفَّدين”.
قال: “ويحتمل أن يكون فتح أبواب الجنة عبارة عما يفتحه الله لعباده من الطاعات وذلك سبب لدخول الجنة، وغلْق أبواب النار عبارة عن صرف الهمم عن المعاصي الآيلة بأصحابها إلى النار، وتصفيد الشياطين عبارة عن تعجيزهم عن الإغواء وتزيين الشهوات”.
٤- شهر فتح أبواب الرحمة والعتق من النار، وشهر الصبر، والمغفرة، ومضاعفة الثواب:
روى ابن خزيمة في صحيحه والبيهقي في الشُّعَب عن سلمان الفارسي، قال: خطَبنا رسول الله ﷺ آخر يوم من شعبان، فقال: “يا أيها الناس، قد أظلكم شهر مبارك فيه ليلة خير من ألف شهر، فرض الله صيامه، وجعل قيام ليله تطوعاً، فمن تطوّع فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضةً كان كمن أدى سبعين فريضةً فهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنَّة،
وهو شهر المواساة، وهو شهر يزاد فيه رزق المؤمن، من فطر فيه صائماً كان له عتق رقبة، ومغفرة لذُنُوبه، قيل: يا رسول الله ليس كلنا نجد ما نُفَطِّرُ به الصائم، قال: يُعطي الله هذا الثواب من فطر صائماً على مَذقَةِ لبن، أو تمر، أو شربة ماء، ومن أشبع صائماً كان له مغفرة لذُنُوبه، وسقاه الله عز وجل من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة، وكان له مثل أجره من غير أن يَنقص من أجره شيئًا،
وهو شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، ومن خَفَّفَ فيه عن مملوك أعتقه الله من النار، واستكثروا فيه من أربع خصال: خصلتين ترضون بهما ربكم، و خصلتين لا غنى بكم عنهما، فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم: فشهادة أن لا إله إلا الله، وتستغفرونه، وأما اللتان لا غنى بكم عنهما: فتَسألون الله الجنة و تعوذون به من النار، ومن أشبع فيه صائماً سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة”.
وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “يُغْفَرُ لأمته في آخر ليلة من رمضان. قيل: يا رسول الله أهي ليلة القدر؟ قال: لا، ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا قضى عمله”.
وروى البخاري عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ: “إن عمرةً في رمضان حجّةٌ”.
وفي رواية مسلم: “فعمرة في رمضان تقضي حجة أو حجة معي”.
وعند ابن ماجه عن جابر عن النبي ﷺ قال: “إن لله عند كل فطر عُتقاء من النار، وذلك في كل ليلة”.
٥- شهر المغفرة لمن صَامَه وقامه:
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: “مَن صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه”.
قال الحافظ العسقلاني في الفتح (٦٠٩/٤): “والمراد بالإيمان الاعتقاد بحق فرضية صومه، وبالاحتساب طلب الثواب من الله تعالى”.
وقال الخطابي: “احتساباً أي عزيمةً، وهو أن يصومه على معنى الرغبة في ثوابه طيِّبةً نفسه بذلك غير مستثقل لصيامه، ولا مستطيل لأيامه…”.
٦- شهر الجود والمواساة:
روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “كان رسول الله أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان، وكان جبريل يلقاه كل ليلة في رمضان، و يعرض عليه النبي ﷺ القرآن، فإذا لقيه جبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة”.
قيل: الحكمة فيه أن مدارسة القرآن تجدد له العهد بمزيد غنى النفس، والغنى سبب الجود، والجود في الشرع: إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي، وهو أعم من الصدقة.
قال الزين بن المنير: “وجه التشبيه بين أَجْوَديَّتِه صلى الله عليه و سلم بالخير وبين أجوَديّة الريح المرسلة أن المراد بالريح ريح الرحمة التي يرسلها الله تعالى لإنزال الغيث العام، الذي يكون سبباً لإصابة الأرض الميتة وغير الميتة؛ أي: فيعم خيره وبِرّه من هو بصفة الفقر والحاجة، ومن هو بصفة الغنى والكفاية أكثر مما يعم الغيث الناشئة عن الريح المرسلة، صلى الله عليه و سلم”.
٧-شهر القرآن:
٨- شهر تربية مكارم الأخلاق:
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة الله أن رسول الله قال: “إذا كان يومُ صومِ أحدكم فلا يرفُث ولا يَصْخب، فإن سابَّه أحدٌ أو قاتله فليقل: إني صائم، إني صائم”.
وروى البخاري عن أبي هريرة _ درضي الله عنه_ قال : قال رسول الله ﷺ: “مَن لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه”.
وروی ابن ماجه عن أبي هريرة الله قال: قال رسول الله ﷺ: “رُبَّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع، ورُبَّ من قائم ليس له من قيامه إلا السهر”.
وهنا يعلم أن شهر الصوم دورة تدريبية لترويض النفس على مكارم الأخلاق كالصبر وحبس النفس عن الغضب والصياح والفحش في القول، والدفع بالتي هي أحسن.
قال الحافظ في الفتح: “قال البيضاوي: ليس المقصود من شرعية الصوم نفس الجوع والعطش بل ما يتبعه من كسر الشهوات وتطويع النفس الأمارة للنفس المطمئنة، فإذا لم يحصل ذلك لا ينظر الله إليه نظر القبول فقوله: (ليس لله حاجة) مجاز عن عدم القبول، فنفى السبب وأراد المسبب والله أعلم”.
واستُدل على أن هذه الأفعال تُنقِص الصوم، واجتنابها من المكملات له، لكن ليس المقصود عدم القبول المحض للصوم والله أعلم وأكرم.
٩- شهر الرسالة الإسلامية:
فهو شهر نزول القرآن، وشهر ابتداء نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار حراء يقظةً.
١٠- شهر باغي الخير:
روى الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة_رضي الله عنه_ قال: قال رسول الله: “إذا كان أول ليلةٍ من شهر رمضان صُفّدت الشياطين ومردة الجان، وغلقت أبواب النار فلم يُفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يُغلق منها باب، ويناد مُنادٍ: يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة”.
١١- شهر الجهاد والمجاهدة:
قال الإمام ابن رجب رحمه الله تعالى في (لطائف المعارف ص ۳۱۹): “واعلم أن المؤمن يجتمع له في شهر رمضان جهادانِ لنفسه: جهاد بالنهار على الصيام، وجهاد بالليل على القيام، فمن جمع بين هذَيْن الجهادين ووفى بحقوقهما وصبر عليهما وفي أجره بغير حساب؛ قال كعب ينادي يوم القيامة منادٍ: بأنّ كلّ حارث يُعطى بحرثه ويزاد، غير أهل القرآن والصيام يُعطَون أجورهم بغير حساب”.
١٢- شهر استجابة الدعاء:
دعاء النبي ﷺ عند الفِطر
لقد كان مِن هديه ﷺ الدعاء عند الفِطر، وكان يدعو بهذه الأدعية:
١) روى أبو داوود وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان النبي ﷺ إذا أفطـر قـال: “ذهـب الظمأ وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله”.
٢) وروى أيضاً عن معاذ بن زهرة، أنّه بلَغَه أنّ النبي كان إذا أفطر قال: “اللهم لك صُمتُ، وعلى رزقك أفطرتُ”.
٣) وروى ابن السني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي ﷺ إذا أفطر قال: “اللهم لك صمنا، وعلى رزقك أفطرنا، فتقبل منا إنك أنت السميع العليم”.
٤) وروى أيضاً عن معاذ قال: كان رسول الله ﷺ إذا أفطر قال: “الحمد لله الذي أعانني فصمتُ ورزقني فأفطرتُ”.
خاتمة
ينبغي للمسلم أن يغتنم هذا الوقت المبارك ليدعوَ لنفسه، وأهله، وأمته… فالدعاء كما سلف مستجاب عند كل فطر، وينبغي له أن يبذل قصارى جهده لكي يحصِّل لنفسه من خيرات وبركات هذا الشهر المبارك من صدقات، وتفطير للصائمين ما استطاع، وقراءة للقرآن الكريم وسائر أنواع القرُبات والعبادات ووجوه الخير…، والله الموفق لكل خير.
الأسئلة الشائعة عن مزايا شهر رمضان
– في أول شهر آذار/مارس.
– في سورة البقرة، قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ}.
– هو الشهر التاسع من الشهور الهجرية.
– مرة واحدة
– غزوة بدر، وفتح مكة.
– نعم، هو الركن الرابع من أركان الإسلام.
– فرض عين على كل مسلم بالغ عاقل.
– من خلال العزم على نية صومه كاملاً _إن أحياه الله تعالى _ وانتظاره انتظارَ الحبيب لحبيبه، والعزم على استثمار أوقاته.
– نعم
– نعم هي مسنونة.
– إيماناً: اعتقاداً بفرضية صومه.
احتساباً: طلب الثواب من الله تعالى.
– الرفث: الكلام الفاحش القبيح.
والصخب: الصراخ والصوت العالي.
لا، لكنها تنافي آداب الصائم، فينقص الأجر بها.
– نعم، إن شاء الله تعالى.
١) ذهب الظمأ وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله.
٢) اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت.
٣) اللهم لك صمنا، وعلى رزقك أفطرنا، فتقبل منا إنك أنت السميع العليم.
٤) الحمد لله الذي أعانني فصمتُ، ورزقني فأفطرتُ.
الكاتب: أ. بشار حمو
شارك المقال مع اصدقـائك: