fbpx

وظائف المسلم في شهر رمضان

 إن شهر رمضان هو شهر الاجتهاد بالطاعات، والتقرب إلى الله بأنواع القربات وسائر الأعمال الصالحات، وقد يتساءل المسلم:

ما عساه أن يفعل، وكيف يغتنم هذا الشهر ويتعرض لنفحاته، وما وظائفه فيه

 وهذا ما سنعرفه في مقال وظائف المسلم في شهر رمضان.

جدول المحتويات

الصوم

الصوم أو الصيام بِشِقَّيْه؛ فَشِقُّهُ الأول: الإمساك عن الطعام والشراب وسائر المفطرات، وشقه الثاني إمساك الجوارح عن المنهيات والمحرمات، وهذا حقيقة الصيام ولبه وبه يكمل الصوم ويحصل تمام الثواب الذي تكفل به رب العالمين.

 أخرج البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -عليه الصلاة والسلام-: “كُلُّ عمل ابن آدم له، إلا الصوم فإنه لي، وأنا أجزي به”.

ويشير الحديث إلى أن كل عمل يُقدِم عليه المرء قد يكون له به حظ نفس من ابتغاء وجه الناس ومُراءاتهم ونحو ذلك… إلا الصيام فإنه مما لا يقع فيه الرياء كغيره، ولا يعلم ثوابه الجزيل إلا الله وحده؛ فقد تولاه بنفسه وانفرد بعلم مقدار ثوابه بخلاف بقية الأعمال التي أطلع الناس على ثوابها.

وظائف المسلم في شهر رمضان

القيام

 القيام: هو الذي قرنه النبي-عليه الصلاة والسلام- بالصيام في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال:كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُرَغِّب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة فيقول: “من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه”.

وعند النسائي:”وما تأخر”.

قال الإمام النووي -رحمه الله تعالى-:

“المراد بقيام رمضان صلاة التراويح”.

وقد أجمعت الأمة الإسلامية على فضل قيام رمضان الذي يتأدّى بصلاة التراويح وسنيته، واتفقت المذاهب الإسلامية الفقهية المعمول بها على أنها سنة مؤكدة لهذا الحديث البالغ في الحض عليها، وبيان فضلها، ولغيره من الأحاديث الكثيرة التي تدل على ذلك.

– فمن القيام المذكور في الحديث آنف الذِّكر: حضور العشاء في جماعة، ثم صلاة التراويح، حتى إذا دخل وقت العِشاء سارع باغي الخير لأدائها في جماعة؛ روى مسلم عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- قال: سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: “مَن صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومَن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله”.

ثم يَشهد صلاة التراويح في جماعة، فإنها من الشعائر الظاهرة للمسلمين كصلاة العيدين، وهي سنة بإجماع العلماء، ويدخل وقتها بالفراغ من صلاة العشاء كما جاء في مجموع الإمام النووي رحمه الله تعالى

– ومن القيام أيضاً الصلاة في الليل، ولا يخفى أن فيه أحاديث صحيحة كثيرة تحض على قيام الليل وتبين ثوابه وأثره، مِن ذلك ما روى مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -عليه الصلاة والسلام-: “أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل”.

ورحم الله القائل:

يا رجال الليل جِدوا   رب داع لا يُرَدّ

ما يقوم الليل إلا   من له عزم وجِدّ

ليس شيء كقيام الليل للقبر يُعدّ

– ومن القيام أيضاً: صلاة السَّحَر إلى الفجر، فإذا نام المسلم واستيقظ للسحور فيُندب له أن يُصلي، وهذه الصلاة هي التي عناها سيدنا عمر -رضي الله عنه- بقوله فيما رواه البخاري عنه: “وَالَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنَ الَّتِي يَقُومُونَ”.

 يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أوَّله.

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: “هذا تصريح منه بأن الصلاة في آخر الليل أفضل من أوله”.

القرآن الكريم

 تلاوةً وتعلماً وتعليماً؛ لأنه برمضان أُنزل القرآن، قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ }

وقال تعالى: { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ }.

 ولقد كان سيدنا رسول الله ﷺ يتدارس القرآن مع سيدنا جبريل -عليه السلام- كل ليلة من رمضان؛ روى النسائي عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: “كانَ رسولُ اللَّهِ أجودَ النَّاسِ، وَكانَ أجودَ ما يَكونُ في رمضانَ حينَ يلقاهُ جبريلُ، وَكانَ جبريلُ يلقاهُ في كلِّ ليلةٍ من شَهرِ رمضانَ فيدارسُهُ القرآنَ”.

وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أفضلية تلاوة القرآن ومدارسته وترتيله في هذا الشهر الكريم على وجه الخصوص، قال الإمام النووي في هذا الحديث: “استحباب الإكثار من القراءة في رمضان وكونها أفضل من سائر الأذكار، إذ لو كان الذكر أفضل أو مساوياً لفعلاه (أي جبريل والنبيﷺ)”.

ولذلك كان للسلف في رمضان صلة قوية؛ إذ يكثرون من التلاوة فيه، ويكثرون من التلاوة في غيره، ولكن في رمضان يزيدون في قراءته ويواظبون عليها، وأخبارهم في ذلك كثيرة مشهورة.

الإنفاق

رمضان شهر الجود الإلهي على العباد، وشُرع لهم فيه ما يُروّضهم على التخلق بهذا الخُلق الرباني من الجود والسخاء على عباد الله تعالى، وهكذا كان هديه -صلى الله عليه وسلم- في رمضان.

روى البخاري وغيره عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: “كان النبي ﷺ أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل – عليه السلام- وكان جبريل -عليه السلام- يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ، يعرض عليه النبي ﷺ القرآن، فإذا لقيه جبريل -عليه السلام- كان أجود بالخير من الريح المرسلة”.

والمسلم في الإنفاق أمام صنفين:

– الأول: الإنفاق المفروض، وهو زكاة الفِطر.

– الثاني: الإنفاق المسنون وهو الإكثار من الصدقات والإنفاق في أوجه البِرّ، اقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وذلك من خلال وسائل كثيرة كالتوسعة على العيال، أو إطعام الجيران، وهو ما يُعرف بين الناس بـ(سكبة رمضان)، جاء في صحيح مسلم أن النبي ﷺ قال لأبي ذر: “يا أبا ذَرٍّ إذا طَبَخْتَ مَرَقَةً، فأكْثِرْ ماءَها، وتَعاهَدْ جِيرانَكَ”.

كذلك من الإنفاق إفطار الصائمين، جاء في سنن الترمذي عن زيد بن خالد الجهني -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا”.

ورُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-أنه قال: “مَن أشبع صائمًا كان له مغفرة لذُنُوبه، ومَن أشبع صائماً سقاه الله من حوضي شربة لا يَظمأ حتى يدخل الجنة”.

وأوجه الإنفاق كثيرة،على المسلم ألا يُفوِّتها عليه بقدر ما يستطيع.

حفظ الجوارح

 ومنها حفظ اللسان عن الغيبة والنميمة وعن الكذب، قال تعالى: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد}.

وروى الطبراني في الأوسط عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ: “من لم يدع الخنا والكذب، فلا حاجة الله أن يدع طعامه وشرابه”.

وروى الترمذي أن رسول الله ﷺ قال لِمعاذ لما سأله: “وإنا لمؤاخذون بما نقول يا رسول الله؟ فقال:”ثكلتك أمك يا معاذ! وهل يُكِبُّ الناسَ في النار على وجوههم (أو قال على مناخرهم) إلا حصائدُ ألسنتهم”.

فاحذر أيها الصائم كل الحذر من أن تفسد صيامك بحصاد لسانك من قولٍ كذب، أو باطل، أو وقيعة في أحد، واعلم أنك حين تغتاب أخاك فإنك تُفسد صومَك بفطرك على لحمه وعظمه؛ قال تعالى: {وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ}.

ويؤكد ذلك ما رواه الإمام أحمد عن عبيد مولى رسول الله ﷺ قال: “إن امرأتين صامتا، وأن رجلاً قال: يا رسول الله! إن هاهنا امرأتين قد صامتا، وإنهما قد كادتا أن تموتا من العطش، فأعرض عنه أو سكت، ثم عاد، وأراه قال: بالهاجرة، قال: يا نبي الله إنهما والله قد ماتتا، أو كادتا أن تموتا، قال: ادعهما، قال: فجاءتا، قال: فجيء بقدَح أو عس، فقال لإحداهما: قِيئِي، فقاءت قيحاً أو دماً وصديداً ولحماً، حتى ملأت نصف القدح، ثم قال للأخرى: قِيئِي، فقاءت مِن قيح ودم وصديد، ولحم عبيط وغيره، حتى ملأت القدح، ثم قال: إن هاتين صامتا عما أحل الله لهما، وأفطرتا على ما حرم الله عز وجل عليهما، جلست إحداهما إلى الأخرى، فجعلتا تأكلان لحوم الناس”.

ومن حفظ الجوارح أيضاً حفظ السمع والبصر؛ قال جابر -رضي الله عنه-: “إذا صُمْتَ فليصم سمعك، وبصرك، ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء”.

وسر هذا -كما في( إسعاف أهل الإيمان)- أن التقرب إلى الله تعالى بترك المباحات لا يكمل إلا بعد التقرب إليه بترك المحرمات، فمن ارتكب المحرمات ثم تقرب إلى الله تعالى بترك المباحات، كان بمنزلة من يترك الفرائض و ويتقرب بالنوافل.

التعلم

فرمضان شهر القرآن، وشهر الصيام، وشهر الطاعات والقربات، ولكل هذه في الشريعة أحكام، لا بد من تعلمها حتى تكون صحيحة خالصة لوجه الله تعالى لتنال عنده القبول جل جلاله.

وأَخَصّ ما يحرص على تعلمه باغي الخير الصوم، وأركانه وشروطه، وما يُفطر وما لا يفطر، وما آدابـه ومستحباته ومكروهاته، لا بد من العلم بها ليكمل صومه، كما يتعلم أحكام صدقة الفطر ونحو ذلك من أبواب العلم.

اغتنام العشر الأخير من رمضان

جاء في الحديث المتفق عليه عن عائشة -رضي الله عنها- أنَّها قَالَتْ: “كَانَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم – إِذَا دَخَلَ العَشْرُ أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ المئزر”.

والمراد: العشر الأواخر من شهر رمضان. و(المئزَرُ): الإزار، وَهُوَ كناية عن اعتزال النساء، وقيل: المراد تَشمِيرُهُ للعِبَادَةِ، يُقالُ:(شَدَدْتُ لِهَذَا الْأَمْرِ مِئزَرِي: أَي: تَشَمَّرْتُ وَتَفَرَّغْتُ لَهُ).

خاتمة

 لا بد للمسلم المقبل على شهر رمضان أن يضع نَصْب عينه قول النبي ﷺ: “الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ ما بيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الكَبَائِرَ”.

فيبادر إلى أن يمحو ما كان من عامه الفائت من تقصير ونحوه…، ويعزم على قيام هذا الشهر على أكمل وجه وأتم صورة، ويُقبل على الله أحسن إقبال، حتى يفوز بما عنده ويدخل الجنة من باب الريان مع الصائمين المغتنمين إن شاء الله تعالى.

الأسئلة الشائعة عن وظائف المسلم في شهر رمضان

ماذا يعمل المسلم في رمضان؟

– يجتهد ما استطاع بشتى أعمال العبادة والذكر والتقرب إلى الله تعالى.

ما أفضل عمل في رمضان؟

– من أفضل الأعمال:

– الإكثار من قراءة القرآن الكريم.

– إفطار الصائم.

– الاعتكاف.

– حضور الجماعات لا سيما صلاة التراويح.

ما وظائف الصيام؟

– الصيام.

– القيام.

– قراءة القرآن الكريم.

– الإنفاق.

– حفظ الجوارح.

– تعلم العلم.

– اغتنام العشر الأخير من رمضان.

ما العمل الذي يُستحب الإكثار منه في رمضان؟

– قراءة القرآن الكريم

من مؤلف كتاب (وظائف رمضان)؟

– عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي الحنبلي النجدي (ت ١٣٩٢هـ).

لماذا رمضان فرصة؟

– لأنه من خير الشهور، وأفضلها وأحبها إلى الله تعالى.

كم (رمضان) صام رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

– ٩ رمضانات

متى تبدأ العشر الأواخر من رمضان؟

– من ليلة ٢٠ رمضان إلى آخر يوم.

في أي سورة ذُكر شهر رمضان؟

– في سورة البقرة، قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.

كم مرة ذُكر رمضان في القرآن الكريم؟

– مرة واحدة.

متى فُرض صيام شهر رمضان؟
فُرض في شعبان السنة الثانية من الهجرة.
ما الحكمة من صيام رمضان؟

– إيقاظ القلب لمراقبة الرب سبحانه وتعالى وتقواه.

– يساعد في صفاء الذهن؛ لأن كثرة الأكل والشرب يعقبها كسل في الجسم، وبلادة في الذهن، وميل إلى النوم.

– التدريب على الصبر.

– إيقاظ الشعور المشترك في صفوف الأمة، إذ يذوق الغني والفقير معاً مشقة الجوع والعطش.

– الوقاية من كثير من الأمراض.

ما حكم تارك صيام شهر رمضان؟

– إذا كان منكراً فرضيته فقد خرج عن ملة الإسلام، لأنه أنكر شيئاً معلوماً من الدين بالضرورة.

وإن ترك الصيام كسلاً وتهاوناً فهو آثم عاصٍ مرتكب لكبيرة من أكبر الكبائر؛ لأنه ترك ركناً من أركان الإسلام.

ما شروط الصيام؟

– الإسلام

– البلوغ

– العقل

ما دعاء رؤية هلال رمضان؟

يُستحب لمن رأى الهلال أن يقول: “اللهم أهله علينا باليُمْن

والإيمان، والأمن والأمان، ربي وربك اللّٰهُ”.

الكاتب: أ. بشار حمو

شارك المقال مع اصدقـائك: